مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/20/2022 10:06:00 م
الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني ما هو القادم - الجزء الأول - تصميم ريم أبو فخر
الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني ما هو القادم - الجزء الأول
 تصميم ريم أبو فخر
- بسبب مايحدث بين الأوروبيين من نزاعات وخلافات، أنت كمستهلك في الوطن العربي على بعد آلاف الأميال من الحرب التي تدور في أوروبا، وبالرغم من أنه لا علاقة لنا بهذه الحرب، إلا أن آثارها تطال أي شخص في الوطن العربي، بصورة أسعار مرتفعة ندفعها كل يوم ثمن احتياجاتنا الأساسية. 

والحرب الروسية الأوكرانية ليست السبب الوحيد في ارتفاع الأسعار، ولكنها زادت من سوء الأمور وضغطت على الاقتصاد العالمي الذي لم يكن بأفضل حالاته منذ سنتين. 

كيف ساهمت وستساهم الحرب الروسية على أوكرانيا في ارتفاع أسعار الكثير من المنتجات؟ 

وماهي أكثر صناعات أو سلع  زادت أسعارها نتيجة لهذه الحرب؟ 

وكيف تتأثر دولنا العربية بارتفاع أسعار السلع في الخارج؟ 

والسؤال الأهم والذي يشغل بال معظم الناس 

هل ما نعيشه الآن هو أفضل أيامنا؟ 

كل هذه التساؤلات سوف نجيب عنها ونتحدث في تفاصيلها في هذا المقال. 

- في كانون الثاني الفائت من هذا العام٢٠٢٢، بلد اسمها جزر البهاما، قررت أن تخفض ضريبة القيمة المضافة عندها من ١٢% إلى١٠%، كمحاولة منها للتخفيف عن المواطنين أعباء الأسعار المستمرة بالارتفاع بشكل كبير من عام ٢٠٢١، وبالطبع لم يشعر الناس بأي فرق بسبب الاستمرار في ارتفاع الأسعار. 

- تدخل وزير الشؤون الاقتصادية (Micheal Halkitis)، أعلن بأن المشكلة الرئيسية أنهم يقومون باستيراد أغلب المنتجات والسلع المستهلكة من الخارج، والأمور العالمية السيئة بسبب المشاكل التي تعاني منها سلاسل الأمداد الخارجية، والمشكلة التي تعاني منها هذه البلد، هي نفس المشكلة التي يعاني منها الكثير من دول العالم، بما في ذلك طبعاً بلادنا العربية. 

ما هو المقصود بالتضخم المستورد

- وباختصار شديد فإن الارتفاع الكبير الحاصل في أسعار الكثير من المنتجات في وقتنا الحالي، بإمكاننا القول أن أحد أسبابه الرئيسية |التضخم المستورد| (Improted Inflation). 

والمقصود في ذلك هنا، هو |الارتفاع المستمر| لأسعار الواردات التي نقوم بشرائها، سواء في صورة منتجات نهائية أو بصورة مواد أولية. 

-وقد وصلت أسعار المواد الأولية لمستويات قياسية، لم يرى العالم مثل هذا الارتفاع منذ عدة سنوات، وسنأخذ مثال عن أشهر مادة أولية، تدخل في عملية التصنيع وهي النفط، ففي ٣١ من شهر كانون الأول من عام ٢٠٢١، كان سعر برميل خام برنت حوالي٧٧ دولار، وفي ٦ آذار عام ٢٠٢٢ تجاوز سعر البرميل ١٣٠دولار، وذلك يعني أن سعره ارتفع ٦٩% تقريباً في أقل من شهرين ونصف. 

- وكما نعلم جميعنا بأن السبب الرئيسي في قفزة الأسعار بهذا الشكل الجنوني، هو |الحرب الروسية| على |أوكرانيا|، حيث تم فيها استخدام النفط كسلاح في ٨ آذار أعلن |الرئيس الأمريكي| |جو بايدن| بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتوقف عن شراء النفط الخام من روسيا. 

الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني ما هو القادم - الجزء الأول - تصميم ريم أبو فخر
الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني ما هو القادم - الجزء الأول
 تصميم ريم أبو فخر

فهل ياترى سيكون هناك تبعات لمثل هذا القرار 

- هذا القرار أدى إلى حالة من الخوف والترقب في أسواق الطاقة العالمية، وذلك ليس بسبب خسارة روسيا عميل مهم مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما بسبب |التبعات المحتملة| لمثل هذا القرار. 

تأثيرات قرار الحظر الأمريكي على ارتفاع الأسعار 

-فالنفط الروسي لا يشكل أكثر من ٨% من واردات أمريكا من النفط الخام، وبالرغم من ذلك فإن القرار الأمريكي هز الأسواق، لأنه من المتوقع أن يوقف حال |النفط الروسي| في السوق، وسوف يخيف بعض الدول والشركات غير الأمريكية من شرائه. 

-قرار |الحظر الأمريكي| عدا أنه يهدد الاقتصاد الروسي، فهو أيضاً يهدد سوق الطاقة العالمي، لأنه من الممكن أن يحرم سوق الطاقة من أكثر من ٧ ملايين برميل من النفط الخام والمنتجات البترولية التي تنتجهم روسيا كل يوم. 

- إن خروج النفط الروسي الذي يشكل ١١%من الإنتاج العالمي في السوق، ذلك يعني |ارتفاع السعر العالمي| للخام، مما يؤدي بدوره وبالتبعية إلى ارتفاع التضخم والأسعار. 

رد فعل روسيا على قرار أمريكا 

- وقد صرح (Alexander Novak) نائب رئيس الوزراء الروسي، أنه لو تم حظر النفط الروسي بشكل كامل من السوق، فمن الممكن أن يصل سعر البرميل إلى٣٠٠دولار أمريكي، ولم تتجاهل روسيا القرار الأمريكي، وبناءً على ذلك صرح الرئيس الروسي (Vladimir Putin)، أعلن فرض حظر على صادرات روسيا، من مجموعة من السلع والمواد الخام لدول معينة من ضمنها بالطبع أمريكا. 

الأضرار التي تعرضت لها أسواق السلع 

- وهذا القرار جعل الوضع في أسواق السلع، والتي تعاني من أزمة كبيرة أسوأ من قبل، مثال على ذلك الفحم، يعتبر الروس  ثالث أكبر منتح للفحم في العالم بعد أستراليا وإندونيسيا، فإن ١٤% من صادرات الفحم في العالم من روسيا، ولمن لا يعلم فإن الفحم يعتبر سلعة استراتيجية، ويكفي أن نعلم أنه في عام ٢٠٢٠ كان الفحم مسؤول لوحده عن تشغيل أكثر من٢٧% من إجمالي الطاقة المستهلكة في العالم، وذلك يجعله في المرتبة الثانية مباشرةً بعد النفط. 

-أما بالنسبة لقطاع الكهرباء، فإن أكثر من ٣٥% من الكهرباء المولدة على مستوى العالم، مصدرها محطات تعمل على الفحم، حتى أن خمس الكهرباء المولدة في أمريكا عن طريق الفحم، وبسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والمناوشات بين روسيا من ناحية وأمريكا وأوروبا من ناحية أخرى، فإن |أسعار الغاز| والفحم ترتفع بشكل كبير جداً، في شهر كانون الأول من عام٢٠٢٠، كان سعر طن الفحم ١٥٠دولار، أما اليوم فأن سعر طن الفحم تجاوز ٣٦٨دولار.                           

- وتتوقع شركة (RYSTAD ENERGY)، أن يصل سعر الطن إلى ٥٠٠ دولار، وهذه الزيادة السعرية سوف تترجم فوراً بصورة زيادة في تكاليف التصنيع، وخصوصاً في الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة كالحديد والصلب والألمنيوم، وأيضاً زيادة في أسعار الكهرباء. 

الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني ما هو القادم - الجزء الأول - تصميم ريم أبو فخر
الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني ما هو القادم - الجزء الأول
 تصميم ريم أبو فخر

وضع صناعة الحديد والصلب في ظل الحرب 

وبمناسبة الحديث عن الحديد والصلب، وجب التنويه أن روسيا وأوكرانيا لوحدهم يشكلون ٧،٥% من صادرات العالم من الحديد والصلب، وبسبب |الحرب| أصبح إنتاج روسيا وأوكرانيا موضع شك في الأسابيع الأخيرة. 
أكبر منتجي الصلب في أوكرانيا مثل ( Arcelor Mittal) و (METINVES)، أغلقوا مصانعهم بسبب الحرب، أما في روسيا فإن الشركات غير قادرة على التصدير بسبب |العقوبات المفروضة| على البلد، على سبيل المثال، إن شركة (Severstal) أوقفت بيع الصلب لأوروبا، بسبب العقوبات المفروضة على الملياردير (Alexei Mordashov). 

- وملخص الوضع أن الحديد الأوكراني والروسي، أصبح بنسبة كبيرة خارج السوق، وذلك يعني أنه سيؤثر بلا شك على أسعار هذه المواد في السوق، وسيترجم بصورة أسعار أعلى وضغوط أكبر على النشاط الاقتصادي العالمي، لأن هناك العديد من الصناعات الكبيرة سوف تتأثر بذلك، مثل البنية التحتية والعقارات والآلات والنقل والأجهزة والأدوات المنزلية. 

- وجب التنويه أن هذه التأثيرات سوف تكون واضحة على المدى القصير فحسب، لكن على المدى المتوسط والبعيد سيكون الوضع أفضل، لأن دول مثل الصين وأمريكا واليابان وألمانيا، يملكون القدرة على تعويض الإنتاج الروسي والأوكراني من الحديد والصلب. 

وضع معدن النيكل في ظل الحرب 

- ولكن هذه الحركة لايمكن القيام بها مع معدن مهم مثل النيكل، حيث تصنع منه البطاريات، فإن روسيا لوحدها تسيطر على ٢٨% من صادرات العالم من النيكل الخام، وهذا يجعله أكبر مصدر في العالم لهذه السلعة قبل أستراليا وكندا، وباختصار ليس هناك بديل من الإنتاج الروسي للنيكل، وهذا ما يفسر |ارتفاع سعر المعدن| بشكل غير طبيعي، على سبيل المثال، في ٨ آذار من هذا العام ٢٠٢٢، أوقفت بورصة لندن للمعادن التداول على عقود النيكل، بعد أن تضاعف سعره ووصل إلى١٠٠ألف دولار للطن المتري الواحد. 

أزمة كبيرة في صناعة الألمنيوم العالمية

- وبعيداً عن النيكل نجد هناك أزمة عالمية في صناعة الألمنيوم، والتي تشكل صادرات روسيا  ١٠% من إجمالي صادراتها، وكما نعلم جميعنا أن الألمنيوم يدخل صناعات كثيرة، ويعتبر مادة أساسية في عملية التصنيع، وارتفاع سعره سيؤثر على هذه الصناعات. 

-في ٣١ من شهر كانون الأول من عام ٢٠٢١، كان طن الألمنيوم يباع في السوق بسعر ٢٨٠٦ دولار، وفي١٣ آذار عام ٢٠٢٢، فإن الطن يساوي ٣٤٧٢ دولار، ونحن نتحدث عن ٦٦٦ دولار زيادة خلال شهرين ونصف فقط، ومن الممكن أن تقل حدة أزمة الألمنيوم في الأيام القادمة، لو قام منتجين كبار مثل الهند وكندا والنرويج وأستراليا وماليزيا، بزيادة إنتاجهم من أجل تعديل السوق وتغطية النقص. 
وكل ما تحدثنا عنه سابقاً هو عينة بسيطة من المواد الخام، والتي ارتفعت أسعارها بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، هذا ولم نتحدث عن الغاز الطبيعي والبلاتين والبلاديوم، وكلها مواد تسيطر روسيا وأوكرانيا على أجزاء من أسواقها. 

فماذا سيحدث بعد كل هذا الارتفاع بالأسعار؟ لنتابع في الجزء الثاني.
بقلمي: تهاني الشويكي

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.